برنامج باسم وبرنامج مرسى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 18 يناير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

بات واضحا أن أكثر ما يؤرق جماعة الإخوان ومؤسسة الرئاسة وكتاب الحكومة وانصارهم الآن هو برنامج «البرنامج» لباسم يوسف على فضائية سى.بى.سى.


ربما صاروا يكرهون ليلة الجمعة، ويتمنون أن يستيقظوا صباحا ليجدوا أن المحطة اختفت أو ان مقدم البرنامج اعتزل أو أى شىء يوقف بثه، هم أشبه الآن بإسحاق رابين عندما كان يقول إنه يحلم بأن يصحو ليجد غزة وقد ابتلعها البحر.

 

بعضهم جرب رفع القضايا على البرنامج، وبعضهم شن حروبا نارية ضد باسم يوسف، وبعضهم بدا حملة تشنيعات لا حد لها.

 

أعذر الإخوان وأنصارهم فى شىء وحيد، أنهم لا يؤمنون فعلا بحرية الإعلام ولم يتعودوا على ذلك، ربما كانوا يرفعون هذا الشعار عندما كانوا فى المعارضة، لكن فى دواخلهم يكرهون الحريات  والإعلام الحر، فطبيعة تنظيمهم تتطلب السمع والطاعة وتكره النقد والمناقشة والسخرية. يحاولون مداراة ذلك لكن تصريحاتهم وزلات لسانهم تفضحهم دائما.

 

من حق الإخوان والتيار الإسلامى أن يشعروا بالغضب من باسم يوسف وبرنامجه، فإذا كان الليبراليون ــ الذين طالهم انتقاد باسم ــ قد غضبوا، فهل نستكثر على الإسلاميين فعل ذلك؟.

 

لكن أنصح الإخوان بشىء وحيد ومهم ولمصلحتهم على المدى الطويل، وهو أن الحل الأفضل أن يدربوا أنفسهم على تقبل النقد، بل السخرية طالما كانت فى حدود القانون.

 

المؤكد أن برنامج باسم يوسف يسبب صداعا شديدا لمحطة سى.بى.سى وملاكها، والمؤكد أن أهل السلطة لا يغفرون للمحطة هذه الفعلة.

 

لكن لنفترض أن أصحاب المحطة قد قرروا وقف البرنامج أو حتى وقف المحطة بأكملها حتى يستريحوا من الصداع الدائم، فهل هذا يحل المشكلة؟!.

 

الإجابة هى لا، لأن باسم يوسف سيذهب ببرنامجه إلى محطة أخرى، وقد ترفض كل المحطات بثه إرضاء للحكومة، وقتها يستطيع أن يضعها على اليوتيوب وينتهى الأمر. وستتحول فورا إلى ما يشبه شرائط الشيخ كشك أو تسجيلات الخومينى مع فارق خطير أن ثورة الاتصالات صارت عالمية.

 

لو أن الإخون أمنوا أن زمن المنع والإغلاق والرقابة والمصادرة قد انتهى، فسوف يريحون بالهم ويفكرون فى حلول أخرى ناجحة.

 

لو كنت مكان الإخوان والرئاسة والتيار الإسلامى لفكرت فى حل عملى وبسيط جدا، وهو أن يكون عندى «برنامج» مضاد لبرنامج باسم يوسف. بالطبع لا أطالب أهل الحكم بإنتاج برنامج كوميدى ساخر يرد على يوسف  والتيار المدنى ويصطاد له أخطاءه، بل أن يكون عندى برنامج شامل لإصلاح أحوال البلد. برنامج يحل كل أو غالبية أو حتى بعض المشاكل «المتلتلة» التى يعانى منها المصريون.

 

لو أن المواطنين وصل إليهم إحساس بأن هناك برنامجا حقيقيا للإصلاح وبدأت ملامح تظهر فسوف يصدقون الحكومة والرئس.

 

سيقول البعض وحتى لو حدث ذلك فإن باسم يوسف لن يتوقف عن السخرية من أهل الحكم.

 

قد يحدث ذلك فعلا، لكن وقتها سوف يتعامل الناس مع سخرية باسم باعتبارها كوميديا ساخرة وظيفتها الترويح عنهم فى أعقاب أسبوع من العمل الجاد.

 

مرة أخرى الرئيس الأمريكى أوباما أنجز أشياء كثيرة للشعب الأمريكى أهمها مشروع التأمين الصحى للجميع، ورغم ذلك فإن البرامج الكوميدية لا تتوقف عن السخرية منه ومن كل الساسة فى إطار القانون.

 

يا أيها الإخوان: اتركوا الإعلام ينتقد كما يشاء ولو استخدم السب أو القذف أو الإهانة فاذهبوا إلى المحاكم وطالبوا بتطبيق القانون، لكن عليكم أن تتحملوا نقد الإعلام لأنكم فى السلطة وإذا شعرتم بعدم القدرة فاتركوها وعودوا إلى المعارضة.

 

لا يفل «البرنامج» إلا برنامج للإصلاح الشامل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved