ومن يرشى الحكام ..؟

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 10:20 ص بتوقيت القاهرة

 «إذا كان الحكم مرتشيا، فهذا يعنى أن هناك راشيا». هذا من أهم تصريحات عيسى حياتو رئيس الاتحاد الأفريقى، وقد أطلقه عقب الانتقادات التى وجهت للاتحاد بسبب ما يتردد عن رشاوى الحكام. وبعد الإهانات التى تعرض لها شخصيا فى استاد رادس عقب فوز مازيمبى بلقب دورى الأبطال للمرة الثانية على التوالى.. وألمح الأمير حياتو، وهو من أسرة نبيلة فى الكاميرون، إلى أن رؤساء الأندية فى أفريقيا وراء الرشاوى التى تدفع للحكام، إلا أنه لم يقل ذلك صراحة.. وإذا كان كوكو حكم توجو الذى أدار مباراة مازيمبى والترجى التى انتهت بفوز الأول بخمسة أهداف نظيفة، متهما بالرشوة، فإن حكم مباراة الأهلى والترجى فى تونس الذى غض النظر عن هدف إينرامو اليدوى الواضح يستحق هو الآخر أن يتهم بالرشوة.. فمن يدفع تلك الرشاوى حسب تلميح حياتو؟!

ــ لن تجدوا إجابة.. وسوف ينظر الذين نوجه إليهم السؤال إلى السماء بحثا عن النجوم، هربا من الرد والتعليق ولسنا فى حاجة إلى ردهم، فلن يعترف إنسان أنه راشٍ وفاسد، خاصة أن الفساد بات ظاهرة وظاهرا فى ساحة الكرة الأفريقية دون شك. لكن من يرشى فى يوم من الأيام، يشرب غالبا من كأس المرارة نفسه فى اليوم التالى.

ما حدث باستاد رادس من سب وضرب واعتداء وتحطيم وتكسير للمقاعد، يعكس صورة سلبية عن جماهير الكرة التونسية والعربية. حيث بات الشغب والاعتداءات سلوكا مصاحبا للمباريات وللمنافسات.. وأعتقد أن الترجى سوف يعاقب بالإيقاف لعامين على الأقل عن المشاركة فى بطولتى القارة، أسوة بمواقف سابقة شهدت أحداث شغب مماثلة فى دول عربية.. وهو ما لا يحدث إلا نادرا فى الدول الأخرى..

هكذا فقدت كرة القدم براءتها، وأصبحت ساحتها الخضراء حلبة للصراع، وللفساد، بكل أشكاله.. صراع الغش والخداع والعنصرية والرشاوى والتلاعب فى النتائج ولا تظنوا أنه المال الذى يحرك غرائز الفساد، ولكنه البحث عن فوز كاذب، يعزز فكرة التفوق والتميز، ولا يهم بأى صورة يتحقق هذا الفوز، المهم أن يتحقق، وأن يتقدم إلى الصف الأول من لا يستحق.. يتقدم بالرشوة التى تعد أحقر وأسوأ مظاهر الفساد فى الرياضة..

قال يوما الفيلسوف الفرنسى الجزائرى الأصل ألبير كامو العاشق لكرة القدم: «كل ما أعرفه عن الأخلاق وواجبات الإنسان أدين به لكرة القدم».. ولا أظنه قادرا على تكرار هذا النص الآن، خاصة فى محيط الكرة الأفريقية، حيث باتت اللعبة وراء الكثير من مظاهر الانحلال والغش، وانعدام الأخلاق والضمير والشرف.. للأسف..!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved