أوبرا وعصفوران وحجر

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأحد 14 يناير 2018 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتبة «أنعام كجه جى» جاء فيه: سعت هيلارى كلينتون، بالأسنان والمخالب وهز الكتفين، إلى أن تنقش اسمها فى التاريخ كأول امرأة تدخل البيت الأبيض رئيسة للولايات المتحدة، لكن دونالد ترامب سبقها فى لعبة الكراسى الموسيقية واختطف المنصب منها دون أن ينجح فى تثبيت الكرسى تحته. وها هى نجمة التلفزيون أوبرا وينفرى تفكر فى أن تضرب عصفورين بحجر، فتحقق ما فشلت فيه كلينتون وما نجح فيه باراك أوباما. أن تكون أول امرأة رئيسة لأمريكا، وسوداء.

يصفونها بأنها المرأة الأكثر تأثيرا فى العالم. تملك من الشهرة ما تبز به غيرها. لها ثروة تضعها فى خانة أصحاب المليارات بالعملة الخضراء. أغنى من نجمة الاستعراضات الأمريكية مادونا، ومن الكاتبة البريطانية جى كى رولينج مؤلفة سلسلة روايات هارى بوتر، ومن الكندية صاحبة الصوت الذهبى سيلين ديون. طفلة كانوا يخيطون لها فساتينها من بقايا أكياس البطاطا، عرفت كيف تجعل من اسمها المؤنث علامة تجارية مثل «مرسيدس» و«شانيل». حقق كتابها حول الحمية الغذائية التى تتبعها شخصيا عائدات فاقت تلك التى حصل عليها بيل كلينتون من نشر مذكراته. نجاحات جاءت بعد بداية تعيسة لبنية تؤدى الأناشيد الدينية فى الكنيسة وتقرأ مقاطع تحفظها من الإنجيل. لقبوها بالواعظة الصغيرة.

وكانت جدتها قد تعهدتها بالرعاية لأن والدتها اشتغلت خادمة خارج البيت وأباها مجند صغير لم يكن قادرا على الزواج من الأم. هربت أوبرا من بيت العائلة فى الرابعة عشرة بعد أن تعرضت لاعتداءات جنسية. أقامت علاقات خطرة واقتربت من المخدرات. حملت بطفل ولد ميتا. تاريخ مكشوف لا تخشى أن ينبش فيه أحد ويعيرها به. إنها هى من نبشته وحولته إلى موضوعات لنقاش ساخن فى برنامجها التلفزيونى الشهير.

كانت فى الثانوية حين يئسوا منها فأرسلوها إلى أبيها لكى يتحمل نصيبه من عبئها. كان فيرنون وينفرى قد أصبح حلاقا يشتغل بالشفرات والمقاصيص، أفلح فى أن يجعل من ابنته طالبة مجتهدة بحيث أنها حصلت على منحة لإكمال دراستها فى الجامعة. وأثناء دراستها لفنون الاتصال عثرت على عمل بسيط فى إذاعة محلية، ومارست أعمالا أخرى قبل أن تلفت النظر وتتفوق فى المهنة وتفوز ببرنامجها التلفزيونى: «أوبرا وينفرى شو». برنامج حوارى صريح كان يُبث على كامل التراب الأمريكى ويمكن التقاطه فى مائة بلد، منها المنطقة العربية. بعد ذلك النجاح صار يحق لجدة أوبرا التباهى بأنها علمت حفيدتها القراءة قبل بلوغها الثالثة وكانت تراقب موهبتها فى السؤال والجواب وهى تراها «تخاطب دميتها المصنوعة من كوز الذرة وتستجوب الغربان التى تحط على سياج البيت».

أحبت أن تنجح كممثلة وتفوز بالأوسكار. أسست شركة للإنتاج وظهرت فى عدة بطولات ولم تحصل على التمثال الأسود اللامع. ما كل ما تشتهى أوبرا تدركه. ويقال إنها اليوم تنوى منافسة ترامب فى انتخابات الرئاسة لسنة 2020. إن موقعها على الإنترنت يتألف من 70 مليون صفحة. والكل يذكر أنها، ذات يوم، وزعت مئات السيارات الجديدة على جمهور أحد برامجها. امرأة لم تنجب أطفالا لكنها تتبنى تعليم مئات البنات فى إفريقيا وتتبرع بالملايين لمشاريع خيرية. وقد طلبت تحليل عينة من حمضها النووى لكى تثبت ما كانت تتمناه من أنها سليلة قبائل «الزولو». لكن النتيجة بينت أن نسبة طاغية من دمها تعود لأجداد من جنوب الصحراء الإفريقية. امرأة فى منتهى الصلابة لم يكسرها سوى الحب. كتبت تقول: «أحببته ولم أرد منه شيئا. وآهٍ كم شعرت بالضعف. ووجدتنى ذات يوم راكعة على ركبتى أتوسل إليه ألا يتركنى». سيدة ذات قلب. عارضت الغزو الأمريكى للعراق وعرضت شعبيتها لزلزال يوم تساءلت على الهواء: «أليس من وسيلة غير هذه الحرب؟».

الشرق الأوسط ــ لندن

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved