البعض غير مرحب بزيارة السيسى لتونس

امال قرامى
امال قرامى

آخر تحديث: الثلاثاء 13 أكتوبر 2015 - 7:45 ص بتوقيت القاهرة

تعددت تصريحات قيادات حزب النهضة فى هذا الأسبوع، بشأن احتمال زيارة الرئيس المصرى «السيسى» البلاد التونسية، وقد أجمع هؤلاء، وعلى رأسهم «الغنوشى» أن «السيسى» غير مرحب به فى تونس لأنه «ديكتاتور»، وأضاف «الغنوشى» أنه لن يكون فى استقبال «السيسى» فى حال قيامه بزيارة إلى تونس. أما «نور الدين البحيرى» وزير العدل السابق فقد ذهب إلى أن الانقلاب الذى أجراه «السيسى» فوت على مصر فرصة المرور إلى مرحلة إرساء الدولة الديمقراطية وفوت على الشعب المصرى التمتع بالحرية والديمقراطية. ويتضح لمن يتابع هذه التصريحات أن قادة حزب النهضة حريصون على تشكيل صورة الحزب وإظهاره فى لبوس الحزب «الديمقراطى» المناصر للقضايا العادلة ولحق الشعوب فى تقرير مصيرها والمؤمن بأن مقاومة الأنظمة الدكتاتورية هى الوسيلة الوحيدة لتحقيق التغيير المنشود. وفق هذا الطرح اعتبر «الغنوشى» أن من يحارب الديكتاتورية هو ليس إرهابيا وكل من يقاتل بغية تكريس الاستبداد هو الإرهابى وهو تصريح يحيل على التلاعب بدلالات الألفاظ، وتضمين المصطلحات معانى جديدة.
تأتى هذه التصريحات الاستباقية معبرة عن موقف الحزب، وهو طرف مهم فى الائتلاف الحزبى الممثل للحكومة، من زيارة «السبسى» إلى مصر مما يشى بوجود خلافات بين حزب النداء وحزب النهضة بشأن ملف العلاقات الخارجية وتصور نمط العلاقات بين تونس ومصر. كما أن حدة موقف قيادى حزب النهضة تحرج زعماء حزب النداء فى ظرف تاريخى تبحث فيه الحكومة عن حلول عملية تحقق الوحدة الوطنية والاستقرار السياسى.
والواقع أن إصرار قيادى حزب النهضة على المجاهرة بمواقفهم من هذه الزيارة الرسمية لرئيس الدولة المصرية مفهوم باعتبار أن هؤلاء ظلوا طيلة سنتين، يرفعون شعار رابعة فى كل الفضاءات بدءا بالمجلس التأسيسى وصولاً إلى الساحات العامة فى محاولة للتعبير عن كرههم لـ«قائد الانقلاب» من جهة، وتعاطفهم وتضامنهم مع الإخوان والخلان فى مصر. غير أن قيادى النهضة ما يزالون يصرون على إظهار مواقفهم فى إطار الخطاب الحقوقى الذى يحول صاحب المشروع السياسى إلى ناشط حقوقى يتبنى معجما حقوقيا والحال أن موقفهم يتنزل فى إطار المؤازرة الإخوانية على قاعدة المرجعية الإسلاموية المشتركة.
***
فبالرجوع إلى عدة قضايا حقوقية تشغل الرأى العام العالمى نتبين سكوت قيادات الحزب عن التعبير عن مناصرتهم لرائف بدوى أو غيره من الناشطين الحقوقيين، والشعراء وغيرهم من الذين أرادوا التعبير عن آرائهم ومواقفهم فكان مصيرهم الجلد أو السجن. ويعتبر هذا السكوت علامة دالة على أن فهم هذه القيادات للملف الحقوقى يتلون وفق الحالات فما دام المرء من الإخوان فهو ضحية ومظلوم ومقموع.. أما إذا كان من غير الإخوان فإنه لا يستحق مناصرة ولا مؤازرة. وليس الفرز على قاعدة الانتماء إلى الأمة غريبا عن المنطق الذى يحكم مواقف قيادى النهضة إذ ظلوا أوفياء للمنطق الثنائى المتضاد: أنا/الآخر، المؤمن/الكافر، وليس سكوت قيادى حزب النهضة عن سجن المثلى على خلفية خياراته الجنسانية إلا دليلاً آخر على هذا الفهم الضيق لمفهوم المواطنة وعلى تجزئة منظومة حقوق الإنسان.
الشعار الذى يرفعه قياديو النهضة «إذا زارنا السيسى فلن نستقبله» ولهجة التهديد المبطنة والتوعد بخروج المظاهرات المنددة بهذه الزيارة.. كلها تكشف النقاب عن رؤية الحزب لذاته وتضخم أنوات القيادات، وتعبر فى الآن نفسه عن مأزق إيجاد التوازن المطلوب: بين الحليف الجديد حزب النداء الذى تجمعه بحزب النهضة علاقات برغماتية والحليف الإخوانى الذى تربطه بحزب النهضة علاقات عضوية على قاعدة المرجعية الإسلامية وبين هذا وذاك يبقى حزب النهضة محاولا إمساك العصا من الوسط.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved