سؤال الحرية.. والمرأة السعودية!

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الخميس 13 أبريل 2017 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

عندما تثار أى قضية تخص المرأة السعودية يُطرح سؤال الحرية بأسلوب يحدد الإجابة بنعم أو لا، أى: «هل أنت حرة»؟، فإذا تجرأت امرأة سعودية بقول: «نعم أنا حرة» أصبحت فى نظر البعض ضمن (الساقطين) ومن يمكن إقامة الحد عليهم، أما الإجابة الأخرى «لا» فتورط المرأة لأنها لا تستطيع قولها، بل تلتف عليها «أريد، أرغب، أصْل الموضوع...» فالخوف من المعانى المختبئة فى مفردة «الحرية» ترهب المرأة التى حصرها المجتمع وقيدها بالعادات والتقاليد والتخويف والترهيب من كل مفهوم مرتبط بشكل ما بالغرب.

 


سؤال «ما هى الحرية؟» لم يطرح، ولم يحرر من اللبس الذى يكتنفه فى مجتمعنا، بل يُدَعَّم بسمعة سيئة تجعل الإجابة عنه بصدق وشفافية كالصعود إلى هاوية خطرة، لذلك تُداور بعض النساء، تَلُف وتدور حول «هل أنت حرة؟» فتبدو كأنها لا تعرف ما تريد أو أنها لا تملك قضية أو مشكلة تعيقها وتنغص حياتها، وربما تحطم طموحها وتقيد انطلاقها، وتحاول عبر كل وسيلة استعادة حقوقها واسترداد إنسانيتها كشخص رشيد، ولأن التحرر أحد اشتقاقات الحرية فهو قرين السوء الذى يخشى منه كما تخشى الحرية.!!

 


لا أحد يستطيع أن يجيب إجابة شافية وافية عن معنى الحرية بالنسبة للمرأة السعودية بشكل خاص، فالحرية حسب التعريف العام: هى تمكن الإنسان البالغ العاقل من اتخاذ قرار أو اختيار دون جبر أو شرط أو ضغط خارجى معتمدا على حكمه الشخصى وتقديره الذاتى للقضية.
عندما صدحت الحناجر بموال الحرية فى كل مقاومة أو مظاهرة ضد الاستبداد والقهر طلبا للتمتع بالقيم التى تنضوى عليها الحرية، أصبحت أيقونة الثورات والربيع أو الخريف العربى، لكنها تكتسب صفات أخرى عندما تقترب من حدود المرأة السعودية، وهو أحد أشكال الظلم الذى تواجهه المرأة السعودية فى نضالها الخجول ضد الرجعية، وضد كل ما يعيق تمتعها بالقيم الإنسانية التى تنضوى عليها الحرية ضمن نضال الشعوب، وضمن نضال المرأة السعودية الوجودى، تكتسب صفات سيئة السمعة، يمكن أن تطلق على من تجرؤ بالمطالبة بالحرية، لذلك تأتى مطالبات السعوديات عشوائية مرتبكة وخافتة، مع أن مطالباتهن تندرج تحت بند الحاجة والضرورة، فالحرية لا تعنى المعانى سيئة السمعة التى يروج لها المتطرفون والإرهابيون ومحترفو الفتاوى وشيوخ الإعلام الجديد، أى لا تعنى التفسخ والانحلال، أو التشبه بالغرب أو الشرق بل حرية اتخاذ القرار فيما يخص شئون حياتها، قرار التعليم الذى لابد أن يوافق عليه ولى الأمر، قرار العمل لابد من موافقة ولى الأمر، ويمكن له فصلها من عملها إذا أراد التنكيل بها خصوصا إذا كانت فى منصب مرموق أو وظيفة ذات دخل عالٍ فيدمر مستقبلها لأنها لا تملك هذا الحق الإنسانى «الحرية» والحقوق الأخرى، حق التنقل والسفر بدون الإذن الذى يمكن أن يملكه ابن أو قريب متسلط أو زوج مبتز، كلها قرارات تسعى للتحرر من القيود التى تكبل طاقات المرأة، والتحرر من الإجبار والفرض الذى يشكله بعض ولاة الأمر الذين لا يحسنون التعامل مع وضع المرأة فى الألفية الثالثة التى انتقلت فيها نساء العالم من التمكين إلى التمتين أى تقوية وضعهن فى مجتمعاتهن بمزيد من الدعم والفرص والحرية.
الإشكالية فى محاولة البعض ترسيخ مفهوم الحرية مقابل لمفهوم العبودية، باعتبار أن المرأة ليست جارية، فعصر العبودية انتهى، وسوق النخاسة ماضٍ مخزٍ فى سجلات التاريخ الإنسانى، فالمرأة بهذا المفهوم حرة! يا أسود يا أبيض، يا تنتن يا تنتن، «لا منطقة وسطى بين الجنة والنار» لا أحد يريد أن يكون أمينا وصادقا مع ذاته ليعترف أن المرأة السعودية تنقصها الحرية بمفهومها العام، لا بالمفهوم الذى حاولوا نشره وترسيخه، الاعتراف يعنى الخروج عن القطيع، والخروج عن القطيع يعنى خيانة عادات المجتمع وقيم القبيلة، تلك العقلية النمطية التى تتجنب إثم التفكير فى كتاب الله وتخشى غضبة المجتمع، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرا وَنِسَاء وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا) النساء 1.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved