رفع مستوى الابتكار

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: السبت 12 أبريل 2014 - 8:50 ص بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة كريستيان ساينس مونيتور افتتاحية تناولت فيها نوعا مختلفا من الاحتجاجات حيث تكشف المظاهرات التى اندلعت فى تايوان ضد اتفاقية التجارة مع الصين، الصعوبات التى يمكن أن تواجهها الدول من أجل الاحتفاظ بقدرة ابتكارية تكفى للتنافس مع الدول ذات العمالة منخفضة الأجور. وغالبا ما يتطلب الابتكار تحولا ثقافيا.

وتتعلق الاحتجاجات الواسعة هذه الأيام من البرازيل إلى أوكرانيا بالديمقراطية والفساد، فى معظم الأحيان. ولكنها ليست كذلك فى تايوان. ففى منتصف مارس، احتل المتظاهرون المجلس التشريعى احتجاجا على مشروع قانون من شأنه توسيع نطاق التجارة مع الصين. وفى إحدى المرات بلغ عدد المتظاهرين فى شوارع تايبه أكثر من مائة ألف شخص.

وتعتبر احتجاجات تايوان، نافذة على معضلة تواجه كثيرا من البلدان: فبينما تسعى إلى رفع جودة التصنيع من أجل المنافسة فى السوق العالمية، عليها أيضا تطوير ثقافة الابتكار الحر والمخاطرة لمواكبة زيادة المعروضات ذات التقنية العالية. وفى تايوان، من المتوقع أن يضر الاتفاق التجارى المقترح بالشركات متوسطة الحجم التى لم تطور هذا النوع من الإبداع والاختراع للتنافس مع الشركات ذات العمالة منخفضة الأجور فى الصين.

وكان المتظاهرون، وكثير منهم قلقون أيضا من التقارب الشديد بين تايوان والصين، قد سعوا إلى تأخير تمرير مشروع القانون التجارى من أجل إجراء مراجعة أشمل. ومنذ أيام حققوا رغبتهم وقرروا تعليق الاعتصام.

وتشير الجريدة إلى أن الاحتجاجات تعتبر درسا فى صعوبة تحقيق التقدم الاقتصادى من دون إجراء تغيير ثقافى أيضا فى البلاد، مثل مستوى الحرية فى أماكن العمل والتسامح مع الفشل فى البحوث أو ما يسميه الأمريكيون ثقافة المرآب. وحتى الدول التى تمتلك تلك المزايا لا تستطيع تحمل خسارتها. وفى آخر خطاب للرئيس أوباما عن حالة الاتحاد، قال للأمريكيين «إن الأمة التى تبذل جهدا شاقا فى الابتكار اليوم تملك الاقتصاد العالمى غدا».

•••

وتنتقل الجريدة إلى الصين حيث وضع قادة البلاد الابتكار فى «جوهر» الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد. فقد أعلن رئيس مجلس الدولة لى كه تشيانج فى الشهر الماضى ان رواتب الباحثين يجب أن تكون مرتبطة بالقيمة السوقية لأبحاثهم.

وترى الجريدة أن الحملة التنافسية من أجل الابتكار تحطم المفاهيم القديمة للأغنياء والفقراء. وتشير إلى قول كلاوس شواب، مؤسس المنتدى الاقتصادى العالمى، الذى يصدر التقرير السنوى عن التنافسية والابتكار فى 148 دولة: «أتوقع أن يختفى تدريجيا التمييز التقليدى بين كون البلدان «متقدمة» أو «أقل نموا» وبدلا من ذلك، سوف نشير إليها باعتبارها « البلدان الغنية بالابتكار مقابل البلدان فقيرة الابتكار».

وفى السنوات الأخيرة، انخفض ترتيب تايوان على هذا المؤشر، وكذلك كوريا الجنوبية واليابان. فقد اضطرت هذه الدول مثلها مثل العديد من البلدان التى تكافح من أجل التوصل إلى «الخطوة الكبيرة المقبلة» فى مجال التكنولوجيا إلى التركيز على الداخل، بالنسبة لاستراتيجية الابتكار، التى تشمل كيفية إدارة العمال وخلق مناخ للتفكير الجديد والأهداف الكبرى.

•••

وتشير الجريدة إلى تخوف كثير من العلماء فى الولايات المتحدة من أن يفقد الأمريكيون ميزتهم الابتكارية. وفى مقال فى عدد أبريل من مجلة موزاييك، كتب عالم السياسة تشارلز موراى عن عاملين يساعدان فى تحفيز الابتكار: الهدف والاستقلالية:

«يلزم لرعاية الإنجاز الإنسانى، ثقافة يؤمن من خلالها أكثر الناس موهبة، أن هناك هدفا للحياة وأن وظيفة الحياة هو تحقيق هذا الهدف».

«يلزم لرعاية الإنجاز الإنسانى ثقافة تشجع على الاعتقاد بأن الأفراد يمكن أن يعملوا بصورة فعالة كأفراد وتشجعهم على القيام بذلك».

وفى الختام ترى الجريدة أن تايوان كانت رائدة، بين الثقافات الكونفوشيوسية فى آسيا، فى إظهار أن المجتمع الهرمى ثقافيا يمكن أن يطور ديمقراطية حرة قائمة على المساواة. وهى الآن تواجه مهمة مماثلة تتعلق بتحرير علمائها ومهندسيها. ولا شك أن العديد من الشركات التايوانية ابتكارية بالفعل ــ كما يعرف أى شخص لديه الهاتف الذكى HTC. ولكن عليها أن تبحث على نحو أعمق، عما يدفع الناس إلى تحطيم الحواجز الذهنية واكتشاف أفكار جديدة حتى تستطيع المحافظة على قدرتها التنافسية ضد الصين. وبعدها سوف يصبح التايوانيون أكثر استعدادا لتقبل تجارة أكثر انفتاحا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved