الكرة.. علمتنا!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الجمعة 11 سبتمبر 2009 - 10:21 ص بتوقيت القاهرة

** ثأرت إنجلترا من كرواتيا التى أبعدتها عن بطولة أوروبا الأخيرة. فاز منتخب الأسود الثلاثة بخمسة أهداف وتأهل إلى نهائيات المونديال، وهى المرة الثالثة عشرة التى يلعب فيها الإنجليز بالنهائيات. وفورا بدأت الصحافة هناك تلعب اللعبة. فتحت باب السؤال: هل تفوز إنجلترا ببطولة كأس العالم المقبلة؟!
لكن مباراة تصفيات كأس العالم ــ من بين 34 مباراة أقيمت مساء يوم الأربعاء ــ كانت بين السعودية والبحرين..تخيل نفسك تجلس تتابع مباراة حاسمة لمنتخب بلادك، وأن فريقك سجل هدف الفوز فى الدقيقة 92. وبدأت تحتفل. لكنك فوجئت بهدف يسجله الفريق المنافس فى الدقيقة 94. لتخرج من تصفيات كأس العالم.. ماذا تفعل ؟!

لا أعرف ماحدث لملايين من عشاق المنتخب السعودى. لكن الصحف السعودية الصادرة أمس عبرت عن الوضع والحالة: «ليلة حرق الدم» عنوان عكاظ، «الخروج المر» عنوان الرياض، «ضيعونا» عنوان جريدة اليوم.. لاحظ الصحافة التى كانت فى صباح المباراة تبث الأمل وتصنعه وتبثه وتنشره، أخذت تولول فى المساء.. ومن شاهد مباراة السعودية والبحرين فى تصفيات كأس العالم، سيدرك سر كرة القدم الذى يدركه من تجارب سابقة ومتعددة..تقدم منتخب السعودية بهدف فى الوقت الرائع، فى الدقيقة 13. وهو وقت مبكر فى المباراة بعكس الوقت الضائع. ثم تعادل منتخب البحرين فى الدقيقة 41 بهدف سجله اللاعب «جيسى جون». وتسألنى: هل يوجد جيسى جون فى فريق البحرين؟ يوجد، إنه نيجيرى الأصل. ماعلينا، فى الوقت الضائع تقدم المنتشرى للفريق السعودى. ودبت الحياة فى المدرجات، هتاف، وغناء وأهازيج للأخضر الذى سيتوجه إلى المونديال للمرة الخامسة على التوالى، وفجأة، ووسط الفرحة، سجل إسماعيل عبد اللطيف هدف التعادل فى الدقيقة 94.. وخيم الصمت. كان للصمت صوت باستاد الملك فهد. شىء لايصدق.

تلك القصة القصيرة العجيبة تجعلنا نؤكد إنه إذا كانت فرصة المنتخب فى التأهل لنهائيات كأس العالم صعبة، فهى ليست معدومة.. هناك أمل.. أكرر هناك أمل.. فلايوجد مستحيل أو غريب فى كرة القدم.. لكنها من المؤكد لعبة خائنة وغدارة، قد تعرف بدايتها لكنك أبدا لاتعرف كيف تنتهى، وحين تتوجه إليها متوقعا الانتصار تنكسر، وحين تستلم لها متوقعا الانكسار تنتصر. وربما تتقدم إليها فتجدها تتراجع، وحين تتراجع عنها تفاجأ بأنها تتقدم إليك، وهى على مدار العمر والسنين تصغر وتصير أكثر شبابا بينما الناس من حولها يشيخون ويكبرون ويرحلون، فهى اليوم غير ماكانت عليه قبل سنوات، وهى غدا لن تكون مثل ماهى عليه اليوم..وقد نجرى خلفها كثيرا وطوال الوقت فلا نطولها.. وهى التى علمتنا الحكمة..وعلمتنا كيف نحب ونحن نكره، وكيف نضحك ونحن نبكى!

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved