حان الوقت لاستعادة ميدان التحرير

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 8 سبتمبر 2012 - 8:05 ص بتوقيت القاهرة

فى التاسعة مساء أمس الأول الخميس كنت مارا فى ميدان التحرير ورأيت مشهدا محزنا.. شاب عشرينى يجرى بأقصى سرعة فى اتجاه مبنى وزارة الخارجية القديم المواجه لمقر جامعة الدول العربية، وخلفه بمسافة عقيد وأمين شرطة وبعض المواطنين، وصبية يهتفون: حرامى.. حرامى.

 

بعد أقل من دقيقتين كان الشاب ــ الذى تبين أنه لص ــ قد اختفى بفضل سرعته، أما العقيد فلم تسعفه لياقته البدنية كى يلحق به. تفاصيل المشهد كما سمعته من شهود عيان هو أن اللص ــ فعل ما يفعله كثيرون هذه الأيام ــ حيث قام بتثبيت مواطن وسط الميدان ووضع السكين على جسده وسرق هاتفه ثم انطلق مسرعا.

 

تعاطفت تماما مع عقيد وأمين الشرطة ــ وهما من إدارة المرور ــ لأنهما بذلا جهدا خارقا، ورأيت علامات الإحباط على وجه العقيد ليس فقط لانه لم يقبض على اللص، بل للحال التى وصل إليها الميدان.

 

مثل هذا المشهد صار مألوفا ومتكررا فى ميدان التحرير فى الشهور الأخيرة للدرجة التى جعلت كثيرين من الناس يفكرون كثيرا قبل الذهاب إليه أو حتى المرور منه.

 

ضابط آخر قال لى نحن وظيفتنا أن ننظم المرور ولسنا ضباط مباحث، لكننا «طهقنا.. مما يحدث، ولا نعرف لماذا لا تنزل الدولة وتنظف المكان».

 

صار معروفا للجميع ان الميدان لم تعد به قوى ثورية أو معتصمون لديهم قضية.. هناك أفراد يقولون إن الثورة لم تكتمل أو سرقت وبالتالى فهم مستمرون فى الاعتصمام هناك.

 

لو ان هناك ائتلافا معتصما فى الميدان الآن فهو «ائتلاف الباعة الجائلين» وهم جماعات وأفراد بعضهم يسعى للرزق الحلال لكن بطريقة غير قانونية، وبعضهم كان مسخرا كى يعمل مخبرا لهذه الجهة أو تلك، واندس بينهم الكثير من اللصوص وتجار كل شىء ممنوع.

 

من حق الجميع ان يتظاهر ويعتصم فى الميدان أو فى أى مكان آخر، مادام ذلك فى اطار أحزاب ومجموعات سياسية معروفة ولديها تأييد شعبى، لكن ان يتحول الميدان إلى رهينة فى أيدى مجموعة من اللصوص والبلطجية فهذا أمر لا يمكن فهمه أو قبوله.

 

حال ميدان التحرير الآن «يصعب على الكافر»، وكثيرون كتبوا عن هذا الموضوع، ولم يعد غريبا ان ترى شخصا يقيم «نصبة شاى وشيشة» فى وسط الميدان، أو ترى كثيرين يسيرون بسياراتهم فى الاتجاه العكسى.. فالقاعدة الرئيسية المعمول بها فى الميدان حاليا هى أنه لا توجد قاعدة.

 

 

مسئولون أمنيون كثيرون قالوا بوضوح إنهم قادرون على تنظيف الميدان فى ساعة واحدة إذا تلقوا الأوامر بذلك!.

 

السؤال هو: من الذى يعيق إصدار هذا الأمر؟! كنا نلتمس العذر قبل انتخاب محمد مرسى رئيسا، كان كثيرون يقولون إن هناك أكثر من جهة يهمها استمرار صورة ميدان التحرير البائسة حتى يمكن الإساءة إلى صورة ثورة 25 يناير وتشويهها لأطول وقت ممكن، وللأسف فقد نجحت الخطة بامتياز وسط بسطاء الناس.

 

الآن ما هو الهدف ولماذا لا يتم «تنظيف» ميدان التحرير؟!.

 

هل لم تتلق وزارة الداخلية تعليمات من الرئاسة والحكومة كى تقوم بعملها.. وهل تحتاج الوزارة دعما وتأييدا من المجتمع لتفعل ذلك، أم هل تغالى فى طلباتها كى تعود وتطبق القانون فى الميدان وغيره من الميادين؟!.

 

السؤال موجه إلى حكومة الدكتور هشام قنديل وإلى مؤسسة الرئاسة وهو ببساطة: ما الذى يمنع تنظيف ميدان التحرير ولمصلحة من يستمر هذا المشهد العبثى؟!.

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved