ملاحظة ألسنية

فيس بوك
فيس بوك

آخر تحديث: الإثنين 8 يناير 2018 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

لاهتمامى الشديد باللغة فأنا أرقب الأصوات التى ننطقها فى الكلام بين الخشونة والوعورة والسلاسة الحريرية أو المخملية. وقد وجدت بعد مراقبة استمرت سنينا عددا أن الأصوات المصرية أجمل الأصوات العربية فى الكلام، فالحناجر المصرية مهذبة مشذبة تخلو من النتوءات التى توجدها خشونة البيئة الطبيعية، كالصحارى، أو خشونة البيئة الثقافية كمجتمعات التحريم والتكفير، حيث من المستحيل أن يسمح التكفيرى لصوته أن يخرج من أوتار حنجرته اللينة، وكذلك المرأة حيث يكاد كلاهما، بالقمع اليومى للفطرة والجمال، أن يصدرا أصواتا تشبه أصوات الماعز أو البقر. 

راقبوا/ن الأصوات فى بلادنا؛ فوعورتها إما بتأثير البيئة الطبيعية أو بتأثير البيئة الثقافية. وليراقب كل منا صوته/ها فى الكلام من أى أوتار يصدر؛ من أوتار المخمل والحرير أم من أوتار الشوك ومقالع الحجارة! فالمراس هو الذى يجعل بعض الأوتار تخشوشن أو تنعم كما لو كانت قد زيتت (بشدة على الياء وضمة على الزين). وطبعا يمكن بالتمرين إعادة تأهيل أصوات الكلام، ولكنه تأهيل سيبدأ من حيث ينظر المرء والمرأة إلى نفسيهما وسط عجاج ثقافى وسياسى قاس ومتشظ وبشع.

وعودة إلى الأصوات المصرية (التى أطرب وأنا أرقبها على الشاشات والفيديوهات كما أطرب لمراقبة أيدى المتحدثين الموسومة بالرشاقة والجمال) فهى تعكس أساس الشخصية المصرية السهلة التى تشبه انبساطة عموم أرضها وخصب طمى نيلها وطمأنينته فى الجريان الهادئ البديع. دعك من مظاهر التوهبن والتصحر الروحى الطارئة الآن، فنحن نتحدث عن شخصية لها من العمر ما لا يقل عن 7 آلاف سنة روضت الشخصية المصرية وأدواتها فى التعبير ومنها الأصوات. أما اللغة المصرية فذلك حديث آخر حيث تحتاج هذه اللغة العبقرية إلى فسحة أوسع. 

زليخة أبو ريشة
كاتبة وشاعرة أردنية

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved