رسائل السعودية لقطر وتركيا وأمريكا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 7 يونيو 2014 - 6:25 ص بتوقيت القاهرة

لمن يريد أن يعرف شكل التحالفات والعلاقات الإقليمية فى منطقتنا عليه أن يقرأ برقية التهنئة التى بعث بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك السعودية إلى الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى مساء الثلاثاء الماضى عقب إعلان فوزه رسميا بالمنصب.

البرقية لم تكن بروتوكولية كما جرت العادة فى مثل هذه المناسبات، كانت باختصار موقفا سعوديا يمكن وصفه بحق أنه استراتيجى، وأقرب إلى الزلزال.

فى هذه البرقية المطولة جدا والمكتوبة بعناية واضحة ولغة قوية لا تعرف المجاملات الدبلوماسية، يمكن قراءة ثلاث رسائل سعودية محددة إلى كل من الولايات المتحدة وقطر وتركيا وربما الكويت.

إضافة إلى رسالة رابعة إلى جماعة الإخوان.

فى البرقية دعا الملك إلى مؤتمر مانحين لدعم مصر، لكننا وجدنا عبارة مهمة تقول: «إن كل من يتخاذل عن دعم مصر فى مؤتمر المانحين لا مكان له بيننا غدا إذا ألمت به المحن».

وأغلب الظن أن هذه الرسالة موجهة لبعض دول الخليج التى تكاسلت أو تقاعست عن مد يد المساعدة إلى مصر، حتى بعد إعلانها عن مساعدات لم يصل معظمها حتى الآن.

الرسالة الثانية والخطيرة هى الخلاف السعودى الأمريكى العلنى بشأن مجمل ما حدث فى المنطقة منذ بدء الربيع العربى فى تونس فى ديسمبر 2011.

الرسالة السعودية تقول: «الفوضى الخلاقة هى فوضى الضياع والمصير الغامض الذى استهدف ويستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها وهى دخيلة عليها وحان وقت قطافها دون هوادة، وخلاف ذلك فإنه لا عزة ولا كرامة لأى دولة وأمة عاجزة عن كبح جماعة الخارجين على وحدة الصف والجماعة».

ولا تكتفى السعودية بمعارضة النهج الأمريكى بالمنطقة بل تعلن أنها ستحاربه وتدعو إلى القضاء عليه دون هوادة.

وتلمح الرسالة إلى جماعة الإخوان حينما تقول بضرورة «كبح جماح أى خارج عن وحدة الصف والجماعة».

الرسالة الثالثة موجهة مباشرة إلى قطر وتركيا وكل من يواليهما وتقول نصا: «نناشد كل الأصدقاء والأشقاء بالابتعاد والنأى بأنفسهم عن شئون مصر الداخلية بأى شكل من الاشكال، فالمساس بمصر يعد مساسا بالإسلام والعروبة ومساسا بالسعودية، وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه أو النقاش حوله تحت اى ظرف كان».

كان يمكن للسعودية ان تكتفى ببرقية تهنئة تقليدية على أن تعلن موقفها عبر محافل سرية أو دبلوماسية، لكن الإعلان عنه بهذه الطريقة يؤكد أن المبادئ الواردة فيها صارت فى صلب السياسة السعودية الخارجية، بل ربما الداخلية حيث إن المملكة اعتبرت «الشأن المصرى» شأنا داخليا والمساس به مساس بالمملكة.

وإذا أضفنا إلى البرقية السعودية البرقية الإماراتية المماثلة التى بعث بها فى نفس التوقيت تقريبا الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات وحملت معانى مماثلة، أمكننا تصور الحلف المصرى السعودى الإماراتى الذى نشأ مساء الثالث من يوليو الماضى عقب عزل محمد مرسى وإعلان خريطة الطريق.

المواقف السعودية الإماراتية الصارمة تقول إن العلاقة مع مصر أبعد كثيرا من مجرد دعم مالى أو عينى.

عندما تدخل السعودية فى خلاف علنى مع واشنطن بشأن مصر، فالمعنى أنها تدافع عن صميم أمنها القومى بعد أن اكتشفت أن «الرياح الأمريكية المسمومة» تقترب منها.

السؤال هو: هل يصطدم هذا الحلف الثلاثى برؤية الرئيس الأمريكى أوباما أم يتم إدارة الصراع بهدوء خصوصا بعد بيان أوباما بأنه يمد يده للسيسى!.

السؤال مفتوح على كل الإجابات المحتملة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved