أغلب الظن

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 5 أكتوبر 2012 - 7:55 ص بتوقيت القاهرة

أغلب الظن أنه خلال أسابيع قليلة سيتوافق الإخوان المسلمون مع معظم القوى المدنية على الدستور الجديد حتى لو اعترض جزء من السلفيين الذين يريدون دستورا «طالبانيا» وجزء من «المدنيين» الذين يريدون دستورا هولنديا أو سويديا.

 

أغلب الظن أيضا أن المنتج النهائى فى نهاية المطاف لن يخرج كثيرا عن إعادة إنتاج دستور 1971 محذوفا منه بعض المواد المسيئة والمعيبة.

 

هل معنى التوافق المتوقع وموافقة الإخوان المسلمين على المواد السبع المختلف عليها أنهم صاروا ديمقراطيين أو مؤمنين بالدولة المدنية فجأة؟!.

 

أغلب الظن أن الاجابة هى لا، لكنها ضرورات السياسة التى تجعل بعض الأحزاب السياسية تضحى بالفرع مقابل الحفاظ على الأصل.

 

رغم كل الضجيج ــ ومعظمه مفتعل ــ على وجود خناقات ومشادات ومعارك على الدستور، فلم يكن كثيرون يعتقدون أن الإخوان سيخسرون القوى المدنية الآن وهم يريدون أكبر توافق ممكن فى هذه اللحظات لأسباب متعددة.

 

السبب الأول أن انسحاب القوى المدنية من اللجنة التأسيسية سيبعث برسالة إلى الداخل والخارج أن الدستور الجديد هو «منتج إخوانى سلفى» خالص وخالٍ من أى مواد مدنية، ما قد يدمر صورة مرسى فى الخارج وهو آخر أمر يريده الرئيس فى الآن.

 

السبب الثانى أن هناك انتخابات مقبلة ولا يريد الإخوان إعطاء خصومهم ومنافسيهم «كارتا» جاهزا بأنهم «أخونوا وسلفنوا» الدستور.

 

السبب الثالث أن اللحظة المناسبة لاصدار دستور إسلامى لم تحن بعد وبالتالى فمن العبث دخول معركة خاسرة.

 

البعض يسأل وهل فى سبيل كسب الاخوان للقوى المدنية يجازفون بخسارة بعض أنصارهم السلفيين؟!.

 

الاجابة نعم، لكن ذلك لا يعنى تحالفا بل هو فى صالح الإخوان على المدى البعيد، لأنه سيظهرهم بأنهم يؤمنون بالدولة المدنية، وصدقوا وعدهم بمنتج نهائى جيد للدستور، وأنهم قد يضحون بالتحالف أحيانا مع بعض السلفيين إذا تعلق الأمر بمدنية الدولة ودستورها التقدمى.

 

يخالجنى الشك أحيانا أن الإخوان باعوا الوهم للقوى المدنية، بمعنى أنهم صعدوا تماما من قضية الدستور والمواد المختلف عليها، وربما سمحوا للسلفيين برفع سقف الطموحات فى تغيير الدستور.

 

وكالعادة انساقت وسائل الإعلام إلى معركة غير حقيقية وبدأت فى الصراخ: الحقونا سن زواج الفتيات سينخفض إلى تسع سنوات والمادة 36 ستدمر كل حقوق المرأة والأزهر سيراقب كل شىء.

 

وهكذا وعندما يخرج قادة الإخوان ويقولون إننا ضد كل هذه الأفكار والمواد الغريبة ولن نقترب من جوهر الدستور، فإنهم يتحولون فجأة إلى «ملاك طاهر» وانهم ضحوا من أجل الوطن.

 

هل نلوم الاخوان اذا فكروا بهذه الطريقة البرجماتية؟. بالطبع لا بل علينا أن نشجعهم طالما كانت النتيجة فى مصلحة كل الوطن أو غالبيته على الأقل.

 

قد نجد قريبا بعض السلفيين داخل الجمعية التأسيسية يهددون وينسحبون ويتهمون الإخوان بالتآمر عليهم، لكن كل ذلك لن  يعرقل الامور، لأنه إذا اتفق الإخوان والقوى المدنية على الخطوط العريضة للدستور فسوف تسير الامور بصورة طبيعية، بل إن السلفيين لن يستطيعوا فى هذه الحالة عرقلة الاستفتاء على الدستور الجديد.

 

الهدف الرئيسى للإخوان فى هذه الأيام ولفترة طويلة مقبلة هو ترسيخ حكمهم والسيطرة على المفاصل الرئيسية للدولة ومحاولة تحقيق الاستقرار بأى شكل وتحسين حياة الناس حتى لا ينقبلوا عليهم فى الانتخابات المقبلة فيخسرون كل شىء.

 

أخيرا أن يكون لدينا دستور مدنى متوافق عليه، فهذا شىء ممتاز لكن سوف تكتشف أن هذا لا يكفى بمفرده كى تتحسن أحوالنا، لكى تحدث الطفرة فلابد من وجود قوى سياسية كثيرة تحاول أن تترجم مواد الدستور الملائكية إلى وقائع يشعر بها الناس على الأرض.

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved