معايير اختيار المحافظين

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 5 سبتمبر 2018 - 10:35 م بتوقيت القاهرة

لا يمكن لأى شخص موضوعى أن يتفاءل أو يتشاءم بحركة المحافظين الجديدة، ولكن يمكن للجميع بالطبع الدعاء للمحافظين الجدد بالتوفيق فى حل مشكلات المواطنين أو حتى التقليل منها لأن باب السماء مفتوح دائما أمام الداعين، دون أن يرتبط ذلك بأى شروط أو حقائق موضوعية.

ما لا يدعو إلى التفاؤل أو التشاؤم هو أن الحركة الأخيرة، وإن كانت كبيرة فى حجمها حيث شملت تغيير 21 محافظا، لم تختلف كثيرا عن سابقاتها منذ عشرات السنين، فالمحافظون الذين رحلوا لم نعرف، وربما لم يعرفوا هم أيضا لماذا ذهبوا، والذين جاءوا لم نعرف، وأظن أنهم أنفسهم لا يعرفون، لماذا وقع الاختيار عليهم دون غيرهم.

استمرار أسلوب تغيير كبار المسئولين فى الدولة على هذا المنوال يقلص فرص الاستفادة من التغيير، لأنه ببساطة يحرم المجتمع من فكرة التعلم من اخطاء الغير ونجاحاته أيضا، أو البناء على ما سبق وتجنب إخفاقات من سبق.

كما قلنا حركة المحافظين الجديدة التزمت التزاما حرفيا تقريبا بـ«الكتاب المقرر» منذ عشرات السنين، فكل المحافظين إما لواء أو مستشار أو أستاذ جامعة، حيث لا يكاد يوجد بينهم من مارس العمل العام ولا الحكم المحلى، أو حتى غير المحلى، وجل خبراتهم فى مجال عملهم الذى هو بالتأكيد مغاير تماما لمجال عمل المحافظ ومعايير نجاحهم فى أعمالهم الأصلية لا تتطابق بالضرورة مع المعايير المطلوبة فى المحافظ الناجح.

وقد نقل الكاتب الصحفى، محمد أمين فى مقاله بالزميلة «المصرى اليوم» عن الدكتور محمد شتا أمين عام الإدارة المحلية الأسبق دهشته من عدم الاستعانة بأى من القيادات المحلية التى تشغل مناصب سكرتير عام المحافظة أو رؤساء المدن والأحياء والذين يزيد عددهم عن 200 قيادة فى حركة المحافظين حيث يرى أنهم الأكثر تأهيلا لهذا المنصب.

ألا يعنى خروج عدد كبير من المحافظين الذين لم يمر عليهم وقت طويل فى مناصبهم، كما حدث ويحدث فى كل حركة تغيير، اعترافا ضمنيا بأنهم لم يكونوا الاختيار الأمثل، وهو ما يتكرر فى كل حركة محافظين تقريبا، مما يعنى أن «العيب فى النظرية وليس التطبيق» وأن آليات اختيار المحافظين وكبار المسئولين بشكل عام والقائمة منذ عشرات السنين لا تضمن أبدا اختيار الأفضل وبالتالى يجب إعادة النظر فيها إذا كانت هناك إرادة جادة فى الإصلاح والتغيير الإيجابى.

وإذا كنا نعتمد منذ عقود على الطريقة الحالية لاختيار المحافظين والمستشارين واللواءات وأساتذة الجامعات دون غيرهم تقريبا، ومع ذلك وصل فساد المحليات «إلى الركب» وانهارت الخدمات العامة وتدهور جهاز الحكم المحلى كما يشهد بذلك كل مسئولى الدولة، فلماذا لا نفكر فى طرق بديلة لاختيارهم، فقد تكون النتائج مختلفة؟.

أخيرا فإن التجارب المتكررة أكدت أن «التقارير الأمنية» و«التقييمات الشخصية» و«الخلفيات المؤسسية» لم تضمن أبدا اختيار أفضل العناصر لمنصب المحافظ ولم تمنع وصول «الفاسدين» الذين تجرى محاكمتهم إليه، وهذا يعنى أنه إما أن نعيد النظر تماما فى آليات ومعايير اختيار المحافظين، أو ستصبح كل حركة تغيير لهم مجرد «حركة والسلام» من دون أى نتائج مختلفة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved