الإخوان.. والأيام الصعبة!

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الجمعة 4 سبتمبر 2009 - 10:19 ص بتوقيت القاهرة

هل صحيح أن الإخوان المسلمين هم الآن القوة السياسية الوحيدة فى مصر التى تستطيع أن «تشاكس» الحزب الوطنى من خلال منافسته فى الانتخابات، وأنها أيضا القوة الوحيدة المؤهلة لأن تعقد معه صفقات سرية، وأن توجه له اللكمات تحت الحزام..؟!

للوهلة الأولى يبدو الإخوان وكانهم يلعبون دور الرجل الثانى على مسرح السياسة المصرية، بعد الحزب الوطنى الذى يرتبط بأجهزة الدولة بعلاقات عضوية قوية ومتشعبة، فى حين اكتفت الأحزاب السياسية بدور الكومبارس الذى يلعب بعضها أدوارا هامشية، فى حين سقط البعض الآخر من ذاكرة الناخبين تماما.

وقد يكون لهذه الأحزاب العذر مع استمرار النظام فى فرض القيود على نشاطات الأحزاب، وزيادة التدخلات الأمنية السافرة فى شئونها الداخلية، ومصادرة العمل السياسى فى الجامعات، ومحاصرة تيارات الاستقلال داخل النقابات.

وفى نظر الحكومة والحزب الوطنى، لعب الإخوان المسلمين الدور الأساسى فى حمايتهم من الضغوط الأمريكية التى كانت تطالبهم بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان فى عهد الرئيس السابق جورج بوش، حيث كان يستخدمهم رجال النظام لتخويف الأمريكيين من مغبة وصولهم للحكم إذا أقيمت فى مصر انتخابات حرة ونزيهة، على اعتبار أن الإخوان سينفذون برنامجا سريا يفتح أبواب مصر أمام الجماعات الإسلامية المتشددة التى تشن الحرب على المصالح الأمريكية، أو على الأقل تهيئة المناخ أمام نمو هذه الجماعات، وقد تستغل القاعدة هذا المناخ لفتح فروع لها فى القاهرة والمحافظات لتجنيد «الإرهابيين» لتنفيذ عملياتهم داخل أمريكا.. وقد كان المزاج الأمريكى آنذاك مستعدا لتقبل هذه المخاوف وتسويقها داخليا وخارجيا.

أما الآن وبعد وصول أوباما للحكم بأفكار جديدة، وإنهائه سياسات الحرب على الإرهاب التى كانت ترفعها إدارة بوش، لم يعد للإخوان المسلمين نفس القيمة القديمة لدى النظام فى مصر، خاصة أن أوباما لا يضغط على مصر لإصلاح سلوكها الديمقراطى وإجراء انتخابات بلا تزوير، فالحكومة المصرية الآن ليست مضطرة لاستخدام الإخوان «كفزاعة» لتخويف الأمريكيين من مخاطر الديمقراطية فى مصر.. وربما يفسر هذه تصريحات بعض قيادات الإخوان بالابتعاد عن الشأن السياسى، والاهتمام بالجوانب الدعوية التى ميزت نشأة الجماعة فى بداياتها الأولى!

ولا شك أن الإخوان سيواجهون أياما صعبة إذا ما فكروا أن يخرجوا عن النص، فالنظام قد يشدد من ضغوطه الأمنية والاقتصادية عليهم.. ولكنهم فى نفس الوقت أمام امتحان حقيقى لاختبار قدرتهم على بناء كيان سياسى نافع يقدم للناس برامج اجتماعية واضحة دون أن تتمسح بشعارات دينية يمكن تفسيرها بألف وجه ووجه!
mesmat@shorouknews.com

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved