سمعنا صوتك

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الخميس 3 ديسمبر 2009 - 3:38 م بتوقيت القاهرة

هل تشعر عزيزى القارئ أنك قرأت ما يكفى عن أزمة مباراة الجزائر وبكل الوسائل الممكنة؟.. بصراحة وأنا كمان.. لكن التصريحات الصحفية والبرامج الرياضية والتوك شو وكليبات الفيس بوك ومهرجان الأغانى الوطنية البكائية الحزينة اللى ما اتعملش من أيام نكسة 67 مازال مستمرا.. والناس كلها لسه مستنية حقنا هييجى إزاى؟..

يمكن بتنفيذ واحد من المطالب الشعبية اللى بتشمل: قطع العلاقات الرياضية، الانسحاب من أى بطولة أو اتحاد يضم الجزائر، قطع العلاقات السياسية، سحب سفيرنا من هناك وطرد سفيرهم من هنا، والمطلب الأعظم والأهم لشباب الفيس بوك فى أنحاء الجمهورية بحذف دولة الجزائر من بنك الحظ، شعبان عبدالرحيم عمل تصريح غنائى وسيد أبوحفيظة أدلى بدلوه فى المسألة، ده حتى المفتش كرومبو شال رقم الجزائر من المسابقة بتاعته يمكن كده كفاية؟..

هو فيه عقاب أكتر من كده برضه؟.. عموما حتى يأتى حقنا ونستمع لاعتذار طال انتظاره عما حدث، أعتقد ناس كتير هتفضل مستنية نهاية مرضية مش عارفة إذا كانت هتيجى والا لأ، لكن الأكيد إن كمية الكره المتبادل فى الفترة الماضية ــ حتى لو كانت الأمور هدأت دلوقت شوية ــ الأكيد إنها بدلا من أن تخفف عنا أصابت الكثيرين منا بالإحباط..

ثورة وشتائم وطعن فى أنساب، كمية تجاوزات لم تشهدها الأجهزة الإعلامية فى مصر من قبل (ما سمعتش حد قبل كده قال على الصهاينة أنهم أبناء عاهرات لا أثناء عدوانهم على الفلسطينيين ولا بعد قتلهم لواحد من جنودنا ع الحدود فما بالك بوصم شعب عربى كامل بهذا الوصف)، أولا إحنا مش كده، مش من طبعنا إننا نعيش مع مشاعر سلبية زى دى، ما اتعودناش نكره حد..

وفى النهاية كلنا بنكلم بعض ونصرخ فى وش بعض وما فيش حد غيرنا سامع إحنا بنقول إيه.. الجرائد والمجلات الغربية مثلا بتلخص الموضوع فى إننا ضربنا أتوبيس الفريق الجزائرى بالطوب وبعدين كسبنا الماتش، لعبنا مباراة فاصلة فى السودان، الجزائر كسبت فقام الجمهور المصرى بحرق العلم الجزائرى أمام السفارة الجزائرية فى القاهرة، وبس،

فى النهاية كل الشحن اللى اتشحناه والعياط اللى عيطناه والأغانى اللى سمعناها كانت لينا إحنا وبس، العلم المصرى وهو بيتحرق وبينداس عليه منظر يدمى قلوبنا جميعا، لكنه حرق من قبل فى فلسطين ولبنان وسوريا وغيرهم أثناء أزمة غلق المعابر ولم يطالب أحد بتبادل سحب السفراء ولا تظاهر الآلاف أمام سفاراتهم، المشجعون المصريون طوردوا وتم تهديدهم بالأسلحة البيضاء فى السودان، لكن عشرات من الشباب المصرى كانوا يعودون فى توابيت كل أسبوع من العراق فهل كان فيه رد فعل شعبى موحد بالعنف ده يدعو لقطع العلاقات وطرد جميع العراقيين من مصر؟، الموضوع كبير طبعا ويحتاج لوقفة على الأقل عشان ما يتكررش مرة تانية، ما احنا مش هفيه بقى،

لكن دايما فيه مواضيع كبيرة ورغم كده عمرى ما شفت الشحنة اللى اتشحنها الناس دى قبل كده، دور الإعلام فى الأسابيع اللى فاتت وتأثيره على الناس بالفعل يحتاج لدراسة، الإعلام القادر على شحن الناس بالطريقة دى ممكن يدفعهم إنهم يعملوا حاجات كتير، كلها حاجات إيجابية ومثمرة، الإهانة شىء مستفز والغضب دافع قوى،

لكن احنا محتاجين أكتر اننا نتحمس ونتجمع ونبنى حاجات كتير ونحارب حاجات أكتر موجودة أمامنا هنا، الفساد والرشوة والواسطة والمحسوبية واللامبالاة والسلبية فى كل حاجة إلا كرة القدم، على الأقل عشان ما نبقاش ضعاف ولا ندى فرصة لحد فى المستقبل القريب أو البعيد يعايرنا بحاجة من الحاجات دى.

إلى كل إعلامى ضاع صوته وسط الضجيج والمطالبة بقتل أولئك أو طرد هؤلاء.. إلى كل إعلامى يرى أن وظيفته هى نصيحة الناس بأن يتمسكوا بأخلاقهم مع حسن الرؤية والتخطيط بدلا من نصيحتهم بأن يكونوا «صيع وبلطجية».. إلى كل إعلامى يرى أن مهمته هى فى أن يدفع هذا البلد للأمام.. أرجوك سمعنا صوتك. 
 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved