تيك تاك توك

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 2 ديسمبر 2010 - 10:56 ص بتوقيت القاهرة

 
« أوف».. (نفخة غضب فى الهواء كما يكتب فى السيناريو).. ولا أظن أنها تكفى للتعبير عن الضيق مما حدث بصالة النادى الأهلى من جانب الألتراس، الذين اعتدوا على لاعبى فريق الجزيرة لكرة السلة.. ورأيى فى تلك الأحداث المؤسفة والمحبطة قلته ألف مرة.. قلته عند كل أشكال البلطجة من جانب كل الجماهير.. تحطيم أتوبيسات وحرق مشجعين واعتداءات على مقرات أندية. وكان رأيى دائما: اللجوء للقانون.. هل فى الدولة قانون عقوبات أم أن هؤلاء الذين يحطمون ويحرقون ويخربون على رأسهم ريش ولا يحاسبون بسبب تدخل آباء وأولياء أمور ورؤساء أندية..؟

من أسف أننا نجحنا فى تصدير البلطجة إلى أوروبا مثل البطاطس وعنب سبيريور والمانجو الكيت، فقد رشقت جماهير برشلونة أتوبيس ريال مدريد قبل المباراة.. يالها من مصيبة الرياضة اصبحت كلها «طاخ، طيخ، طوخ»!

أخذت أتصفح تعليق الصحف الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والإيطالية، على نتيجة مباراة برشلونة وريال مدريد.. وأوضح أولا أن ذلك ليس استعراضا ثقافيا، فلا أعرف سوى الإنجليزية، وعندما حاولت أن أتعلم الفرنسية مكثت 20 عاما، ولم أتقن سوى جملة «عفوا.. لا أتحدث الفرنسية».. لكنى أستعين بالطبع بمن يجيد اللغة حين أجد فيها ما يعجبنى، ومنه عنوان فى صحيفة الإيكيب الشهيرة يقول: «Du Jamais Vu».. وإذا كان المترجم ثقيل الظل شوية فالعنوان يعنى: «غير مسبوق».. ولو كان خفيف الظل قليلا فيمكن أن يكون المقصود: لم نرها من قبل. أى لم نشاهد مثل تلك المباراة أو هذا الأداء من قبل.

أعجبنى جدا عنوان صحيفة ماركا الإسبانية حين قرأته فى مقال للزميل علاء صادق بالأخبار وكان: «إنه كثير جدا يا برشلونة».. لم تقل صحيفة ماركا عقب المباراة عنوانا تقليديا من النوع إياه: برشلونة يسحق ريال مدريد 5/ صفر، وممكن بدلا من يسحق «يفترس أو يهرس».. أو من نوع: برشلونة يهزم ريال مدريد 5/صفر مع الرأفة.. فتلك مانشيتات قرأتها أنت وأحفادك ألف مرة فى الثلاثين عاما الأخيرة.. فكل فريق يحقق فوزا كبيرا على فريق آخر، فإنه يفعل ذلك مع الرأفة.. ألا يوجد فوز أبدا بدون رأفة؟.

الصحافة تغيرت.. لم تعد قادرة على منافسة التليفزيون والإنترنت فى نشر الخبر.. لكن ماذا وراء الخبر، وماذا عن التفاصيل، وماذا عن الأسلوب، وماذا عن الفكرة وماذا عن التحليل؟.. لم يعد فوز برشلونة على ريال مدريد بخمسة أهداف نظيفة خبرا، ولكن كيف تحقق هذا الفوز أو لماذا كسب برشلونة وخسر ريال مدريد.. هذا ما بقى للصحافة.

قبل المباراة كنت أقرأ تحليلا عن أل كلاسيكو.. واختصر الكاتب أسلوب أداء فريق برشلونة القائم على التمرير وتبادل الكرة واستلامها وتسليمها بجملة إيقاعية وغير لغوية، وكم كان جميلا أن يعبر عن فكرته بالإيقاع، فكتب أن برشلونة يلعب بطريقة: «تيك، تاك، توك».. وكان يعنى مرر وتحرك وسجل.. هكذا أترجم كلمة توك!
تغيرت الصحافة فى العالم من 30 سنة (التغيير فى الطريق إلينا.. سيصل قريبا)!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved