ماذا ننتظر من البرلمان هذا العام؟

زياد بهاء الدين
زياد بهاء الدين

آخر تحديث: الإثنين 2 أكتوبر 2017 - 10:55 م بتوقيت القاهرة

عاد البرلمان للانعقاد بعد إجازة قصيرة ارتاح خلالها النواب من حضور الجلسات، وارتاح معهم الجمهور الذى تعبت أعصابه وأصابه الإحباط من متابعة أحوال المجلس خلال العامين السابقين. لذلك فلا أتصور أن يكون لدى الناس توقعات كبيرة أو آمال واسعة مما يمكن أن يقدمه مجلسنا النيابى فى عامه الثالث. وهذه ــ فى تقديرى ــ مشكلة حقيقية. وأقصد بذلك أن يفقد الناس اهتمامهم بالبرلمان وثقتهم فى قدرته على القيام بواجباته الرقابية والتشريعية فيكون هذا الإحباط وعدم الاكتراث دافعين لمزيد من تدهور أدائه وتراجع فاعليته. 

الخوض من جديد فى الأسباب التى أدت إلى عدم فاعلية هذا البرلمان لم يعد مجديًا. شخصيًا كنت قد تحفظت وأبديت اعتراضى مع كثيرين غيرى على قانون الانتخابات البرلمانية حينما أصدرته الدولة لأن نتيجته الحتمية والمقصودة كانت ما شهدناه خلال العامين الماضيين: برلمان كبير العدد، شديد التفكك، وضعيف الأداء بسبب غياب الأحزاب والقيادات والقوى السياسية التى يمكنها أن تدير دفة العمل النيابى.

ولكن وقت الشكوى مضى. هذا هو البرلمان الذى لدينا وسوف يظل معنا لثلاثة أعوام قادمة، وعلينا أن نتعامل معه من هذا المنظور. فإما أن نستمر فى التندر عليه والاستهزاء بما يدور تحت قبته وتبادل القفشات واللقطات حول سلوك النواب، أو أن نتمسك بحقنا فى أن يكون لدينا برلمان يمارس دوره كاملا وينهض بالمسئولية الملقاة على عاتقه. 

برلمان هذا العام لن يكون أفضل أداء من العامين الماضيين لو ترك على حاله، أو لو اعتمدنا على نيته فى تصحيح أساليبه، أو لو استمر الرأى العام فى الاستخفاف به. العامل الأساسى الذى يمكن أن يصحح مسار البرلمان ويحسن من أدائه هو أن نتمسك بحقنا فى أن يكون لدينا برلمان حقيقى وفعال، وأن نفرض على النواب أن يأخذوا عملهم بجدية ومسئولية، وأن نساند وندعم من يأخذ منهم موقفا محترما أو يتقدم بقانون أو استجواب أو اقتراح ذى شأن، وأن نذكرهم من جهة أخرى بأن الناخبين سوف يحاسبونهم يوما ما على ما فعلوه وما قصروا فيه وما سكتوا عنه.

وبرلمان هذا العام ليس عاديا، بل أمامه عدة ملفات خطيرة: على الصعيد الاقتصادى فإن عليه مراقبة ارتفاع الأسعار وندرة فرص العمل وزيادة الدين العام الخارجى والداخلى، وعليه مناقشة عدة تشريعات اقتصادية مهمة سوف تعرض عليه وعلى رأسها قوانين العمل والبنوك والتأمين الصحى وسوق المال والإفلاس، وعليه تقييم المشروعات القومية الكبرى الحالى تنفيذها وخاصة مشروع الطاقة النووية والعاصمة الإدارية الجديدة. وبجانب الملفات الاقتصادية فإن البرلمان يجب أن يتفاعل مع التهديد الإرهابى المستمر، وضرورة إعادة الاحترام للدستور بعد ما تعرض له من تجاهل خلال الأعوام الماضية، والعمل على حماية حقوق المواطنين وحرياتهم فى ظل التضييق المستمر على النشاط السياسى والأهلى والاعلامى. وأمام هذا البرلمان أيضا انتخابات رئاسية، وترتيبات إقليمية، واحتقان متزايد فى المجتمع نتيجة للغلاء وتدهور الخدمات العامة. وفى كل ما سبق فإن على البرلمان أن يسترد سلطاته وصلاحياته الدستورية من أجهزة الدولة التنفيذية بحيث يكون رقيبا عليها لا مصدقا على افعالها وقراراتها، وأن يسترد سلطته التشريعية كاملة ومستقلة، وأن يكون معبرا عن مطالب وتطلعات وآمال الشعب. 

قد يبدو الكلام عن أهمية الضغط على البرلمان لكى يتحسن أداؤه نظريا أو بعيدا كل البعد عن الواقع وعما شهدناه منه خلال العامين الماضيين. ولكن مهما كانت الفرصة متواضعة فى تحقيق مثل هذه الطفرة فى ظل الظروف الراهنة، فان السكوت والشكوى من حال البرلمان والسخرية من أدائه لن تنفع بشئ، بينما الاصرار على اصلاح حاله قد يؤتى بثمار لا نتوقعها. ولنتذكر أن تحت القبة نوابا كثيرين ــ حزبيين ومستقلين ــ لم يقبلوا خلال العامين الماضيين أن يسكتوا عن قول الحق، أو ينتظروا التعليمات والتوجيهات، ولم يحرصوا على مقاعدهم أكثر من حرصهم على الصالح العام، وقد تحملوا انتقادا وتجاهلا وضغوطا لا يستهان بها، وعلينا أن نؤازرهم ونعترف بشجاعتهم، ونقف معهم كما وقفوا مع الشعب ومصالحه، وأن نشجع آخرين على أن يقتدوا بهم. 

مرحبا بعام برلمانى جديد، لن تتحدد نتائجه فقط بما تمليه الدولة وما يقبله النواب، بل بما نطالب ونتمسك به من حقنا فى أن يكون لنا مجلس نيابى يمثلنا ويدافع عن حقوقنا ويعمل على استعادة سلطته الضائعة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved