المرأة ومسلسل التمكين وصولا للقيادة

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الإثنين 2 أكتوبر 2017 - 10:55 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتبة «شريفة الشملان» جاء فيه؛ ما بين الحلم واليقظة يبدو الأمر كفتح باب أمل، هكذا كانت ليلة 26 سبتمبر، فجأة انقلبت البيوت لساحة فرح؛ الأمهات والآباء والأولاد والبنات. 
لم يكن حرماننا لسنوات طويلة من حق القيادة إلا أمرا لا داعى له، وقد ترتب على هذا الحرمان ضياع الكثير على الوطن والمواطن.

كم جميلة الأمور التى لا تأتى إلا بعد عناء، وهى الفرحة الكبيرة التى لا بد لها من صبر وطول انتظار، وهكذا هيأ الله لنا بعد صبر وجهد من يكسر القمقم ويفتح بابا كان من أكثر الأبواب إحكاما أخذ منه الجدل والنقاش سنين طويلة، ومر بتعرجات وأخذ ورد وبلغ الأمر ما بين مد وجزر. لم تكن قيادة المرأة التى سمح بها الملك سلمان إلا نتيجة سلسلة طويلة مرت بها المرأة السعودية.

إذا كانت ليلة الإعلان عن السماح بالقيادة للمرأة ليلة فرح ابتهج بها كثير من البيوت، فإن السلسلة الكبيرة التى مرت بها المواطنة السعودية تستحق أن تخلد وتُجرى لها دراسات نفسية واجتماعية، لعلنا نذكر بالخير تلك الكوكبة الجميلة من النساء اللاتى أسىء إليهن.

كانت محطة جميلة فى تاريخ المرأة السعودية عندما عين الملك عبدالله 20 فى المائة فى مجلس الشورى من النساء، ومن ثم سمح لها بالدخول لمختلف لجانه، ومن منبره طرحت بعض الأعضاء من النساء طلبا للسماح بالقيادة، وللأسف لم تحصل الفرصة لدراسته.

وهكذا تستمر نقاط لصالح المرأة وتمكينها، ومع موافقة المملكة على اتفاقية السيدات فإنه بقيت بعض أمور ــ منها القيادة التى هى ضمن حرية الحركة ــ معلقة.

فتح نظام الابتعاث من خلال برنامج الملك عبدالله فى مايو 2005 آفاقا جديدة للمرأة والرجل فى آن، إذا كنا نكسب العلم من خلاله، فالاتصال بالشعوب قاطبة ومعرفة حياتها ونظم عيشها أمر عزز قدرات المرأة كما الرجل من ثم تطوير الذات والخدمات ونقل التجارب الجميلة ونشر الأفكار الحسنة عن مجتمعنا، لقد كان خط تمكين المرأة يسير بخطى طويلة وسريعة مرات ويتذبذب أخرى، ولكن لا يبقى مكانه أبدا. كان لتعيين السيدة نورة الفايز نائبة لوزير التعليم خطوة واسعة، وتعنى فتح أبواب المناصب العليا للمرأة، وتعنى أيضا كسب المرأة الثقة بقدرتها وإمكاناتها. كان ذلك فى فبراير 2009، ومن ثم ظهرت أسماء مشرقة لسيدات فزن بمنصب وكيل وزارة، ولكنه ظهور حيى حتى الآن. 

لقد تعلمت المرأة وأسهمت بالتعليم العالى مساهمة كبيرة، وظهرت رائدات قدن الدراسات الجامعية باقتدار وزرعن أجيالا جميلة من الجامعيات المؤهلات لسوق العلم والعمل. يستمر سير تمكين المرأة، ولكن الركب ما زال متعثرا فيما يخص القيادة، ففى الوقت الذى نسلم المرأة دفة العلم والعمل ونسلمها أرواحنا وعقولنا كطبيبة وبرامجنا كدارسة ومطورة، بقيت مسألة قيادة السيارات معلقة تتقاذفها الآراء.

كان لا بد من استيعاب العدد الكبير من الأيادى النسائية للعمل، وهذه الأيادى أكثر من أن يستوعبها العمل الحكومى، فكانت فرصة جيدة وباب رزق طيبا، وهو فتح باب العمل بالمستلزمات النسائية مقصورا على الإناث، وذلك فى يوليو 2011، نعم ضج الكثيرون ورحب أيضا كثيرون، وتم ذلك، والآن نرى السيدات عاملات فى مراكز البيع النسائية، هنا ظهرت مشكلة أخرى أن الرواتب أقل مما تسمح بسيارة وسائق، بالجانب الآخر غير مسموح بالقيادة، هذا التمكين حدت منه صعوبة المواصلات والحركة، وهذا يقودنا لنؤكد أن الفرحة بتمكين المرأة للقيادة كانت شاملة.

قبل أن أنتقل للقيادة وحركة المرأة يجدر بى العودة لمرحل التمكين التى تجلت أيضا بالمشاركة والانتخاب للمجالس البلدية فى 2014، وباطلاعنا على ما كان يدور فى الصحف من سجال، نرى أنها مرت بصعوبات التطبيق وبعض الإشكاليات، لكنها صمدت وبقيت.

عندما نأتى لعام المرأة السعودية 2017؛ ففى فبراير تم تعيين أول سيدة رئيسة لمجلس إدارة السوق المالية (تداول)، وفى مايو تم تمكين المرأة من الخدمات الحكومية دون اشتراط موافقة ولى الأمر.

على أن أقف هنا بكل فخر حول موضوع تنظيم صندوق النفقة للمطلقات والأبناء، فلقد كان هذا الصندوق أمل كثير من المطلقات لاستمرار أبنائهن بالعيش الكريم والتعليم.

فى أغسطس تم بكل فخر تنظيم زواج القاصرات وجعله بيد القاضى لا المأذون، وفى ذلك الشهر أيضا تم إعطاء الحق للمطلقة بحضانة أطفالها، وتم تمكين المحامية خريجة القانون من الترافع أمام القضاء، وقد كان بعض القضاة لا يمانعون قبل هذا التاريخ.

ها أنا أصل إلى النقطة التى ستسهل على المرأة عملها، ألا وهو تمكينها من القيادة، هذا الحق الذى فرحت أغلب البيوت به، لأنه يعنى الكثير للمرأة والأسرة والوطن، من ذلك الاستغناء عن الغرباء داخل المنازل، وإيجاد فرص عمل للمرأة، وتماشيا مع رؤية 2030 وما سيترتب عليها من تقليص العمالة، لا بد أن تحل العمالة الوطنية محلها وإيجاد فرص عمل للسيدات، منها الشرطة المرورية النسائية ومراكز التدريب، فلدينا سيدات قادرات على القيادة والتدريب، ولا شك أن شركة «أرامكو»، التى ما انفكت المرأة تقود بها، لديها ذلك.

أخيرا ستخرج الكثيرات رخصهن المخبأة فى الحقائب اليدوية لتكون تأشيرة مرور نحو الرخصة السعودية.

الشرق الأوسط ــ لندن

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved