فيلبس.. الأول والأخير

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الثلاثاء 2 أغسطس 2016 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

** لا توجد وساطة فى الرياضة. ولا يجب ولا يجوز أن تكون هناك وساطة. لا فى الرياضة ولا فى أى مجال. أقول ذلك وأدرك تماما أن مصر تبدو أحيانا بلدا اخترعت فيه الوساطة. وأؤمن أن الرياضة أعدل نشاط إنسانى عرفته البشرية.
فالأفضل هو الأسرع، وهو الأعلى، وهو الأقوى فى تحدى الزمن والمسافة والوزن.. ولأن ذلك هو المعيار نجد سباحا أسطوريا، مثل مايكل فيلبس يخوض تصفيات بلاده للتأهل إلى دورة الألعاب الأوليمبية فى ريو دى جانيرو. وهو السباح والرياضى الذى حقق ما لم يحققه إنسان آخر على كوكب الأرض بفوزه بـ22 ميدالية أوليمبية، منها 18 ذهبية فى ثلاث دورات متتالية..

** العداء الجامايكى أوسان بولت إسطورة العدو القصير وأسرع رجل فى العالم دخل هو الآخر تصفيات بلاده للتأهل إلى الألعاب الأوليمبية. وهو ابن جزيرة السرعة (أسرع العدائين والعداءات) أو جامايكا إحدى جزر الأنتيل فى البحر الكاريبى. لم يشفع له أن بطل العالم فى سباقات 100 و200 متر، وتتابع 4×100. لم تشفع له ميدالياته وأرقامه القياسية. هو مثل غيره بمعايير العدل فى الرياضة عليه أن يخوض الاختبار.. فلا وساطة مهما كانت بطولاته..

** فتح مايكل فيلبس حسابه الأوليمبى فى دورة أثينا التى فاز بها بثمانى ميداليات، وكان فى دورة سيدنى ترتيبه الخامس فى سباق 200 متر فراشة، أحد سباقاته المفضله. وفى أثينا شاهدت فيلبس عن قرب، ولحظة خروجه من السباق. فتكوينه الجسمانى غريب، نصفه الأعلى يساوى نصفه الأسفل فى الطول. وذراعيه طويلتان للغاية. وهذا يدخلنا فى علم انتقاء الرياضيين، فماذا يلعب الطفل وفقا لتكوينه الجسمانى؟

** أيهما سيكون نجم دورة ريو الأول. مايكل فيلبس المرشح للفوز بست ميداليات أخرى، ثلاث فى الفردى وثلاث فى التتابعات، أم أوسان بولت المرشح للفوز بثلاث ذهبيات للدورة الثالثة على التوالى. خاصة بعد أدائه فى المائة متر عدوا بدورة بكين 2008، وقد كان مذهلا، حيث أخذ يحتفل بفوزه قبل نهاية السباق بعشرين مترا؟

** تأهل مايكل فيلبس، وهو فى سن 31 للألعاب الأوليمبية بحد ذاته معجزة. فالسباح عمره أقصر من ذلك بكثير، وإن كانت مدرسة السباحة فى العالم تغيرت وباتت لا تعتمد على حرق السباحين فى سن صغيرة، وكان السباحون القدامى يعتزلون فى الثامنة عشرة.. وبمجرد تأهله أرشح فيلبس ليكون نجم الدورة. وربما سيكون نجم التاريخ الأوليمبى لو حقق ميداليات أخرى. وهو مرشح لأن أرقامه هى الأسرع فى عام 2015.. وهو يقول: «لم أفكر أبدا فى هزيمة أرقام وإنجازات مارك سبيتز الفائز بسبع ميداليات ذهبية فى ميونيخ. لم أهتم بذلك، فهدفى لم يكن أن أصبح سبيتز الثانى وإنما فيلبس الأول»؟!

** مايكل فيلبس حقق معجزة «تحت سطح المياه»، وهو عنوان كتابه عن حياته وبطولاته بعد دورة أثينا.. وهو الذى كان يكره المياه، ثم أصبح مثل سمكة القرش، تموت لو غابت المياه عن خياشيمها. ولذلك يسبح فيلبس فى كل إجازة، وكل عيد، وكل كريسماس، وكل عيد ميلاد، وكل يوم. فهو يتدرب ويتدرب ويتدرب، ويحيا تحت سطح المياه. ولذلك أصبح فيلبس الأول والأخير!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved